من الإحداثات الجديدة التي ميّزت الاحتفال بتونس عاصمة ثقافية 1997 متحف شمتو القريب من مدينة جندوبة الذي ازدانت به ربوع الشمال الغربي، وقد دشن في شهر أفريل سنة 1997. وميزة هذا المتحف أنّه جزء يتكامل مع أجزاء أخرى مكوّنة لمركّب أثري يشمل موقع شمتو الممتدّ على 80 هكتارا – وهو يشهد على خمسة عشر قرنا من الحضارة – وقد اشتهر بالرخام الملوّن الذي كان يقتطع منذ العهد النوميدي لتزيين القصور والمعالم الدينية والمدنية والذي أصبح في العهد الروماني يصدّر إلى روما. وقد جاء إنجاز هذا المتحف تتويجا لتعاون مثالي بين المعهد الوطني للتراث بتونس والمعهد الألماني للآثار بروما. ويعتبر باندراجه في المركّب الأثري على امتداد 10.000 متر مربّع فريدا من نوعه في العالم المتوسطي.
من مكوّنات هذا المتحف الطريق الرومانية المبلّطة الرابطة بين مقطع الرخام ووادي مجردة، وطريق نقل الرخام إلى روما عبر ميناء أوتيك، وكذلك مصنع الرّخام الذي كان يشتغل في بداية القرن العشرين. أمّا مبنى المتحف فيتكوّن من أربع قاعات تعرض فيها اللّقى الأثرية المعبّرة عن أطوار تاريخ شمتو بالتركيز خاصة على الرخام الملوّن استخراجا وتصنيعا ونقلا وتوظيفا، سواء في العهد البربري أو في العهد الروماني.
وتتصدّر المتحف واجهة مركّبة بالحجم الطبيعي أي بارتفاع 9 أمتار وبالأحجار الصّقيلة والمنقوشة التي كانت تزيّن الواجهة الشرقية للمعبد النوميدي لبعل الذي كان يعلو ربوة بورفيفة. ومن توابع المتحف مسرح صغير وقاعة للعروض السمعية والبصرية.
وفي داخل قاعات المتحف مجموعة أثرية متكوّنة من الفسيفساء والخزف والتماثيل. وأثمن محتويات المتحف الكنز المكتشف يوم 12 ماي 1993 والمحتوي على 1647 قطعة نقديّة ذهبية وقطعة واحدة من الفضّة المذهّبة. وقد رجّح الخبراء دفنه في نهاية حكم الامبراطور هونوريوس من سنة 395 إلى سنة 423م.
ويتكامل متحف شمتو مع معالم المدينة اللوبيّة والرومانية، ومنها المعبد والمقبرة النوميديان والمسرح والسوق والحمّامات والحنايا المتّصلة بالخزّانات الشمالية بطول 14م، والساحة العامة والكنيسة وآثار الجسر حيث الطاحونة المحرّكة بمياه مجردة، التي لا مثيل لها في العالم الروماني، ما عدا الطاحونة التي على مجردة بتستور أو تيكيلا الرومانية حسب ما أكّده الباحث الأثري الألماني فريدريك راكوب (R.Rakob).
ولا شكّ في أنّ اكتشاف معسكر بشمتو يؤكّد إسهام الجنود والعبيد والمحكوم عليهم بالأشغال الشاقة في العهد الروماني في حظيرة مقطع الرخام. ويندرج متحف شمتو وموقعها في شبكة مواقع ومتاحف الشمال الغربي في علاقتها بمنتزه طبرقة، مع دقّة والكاف وعين طنقة والكريب وبلاّريجيا. ولئن عثر على بقايا بربريّة في المواقع المذكورة وخاصة في اللاّس حيث القبور الجلمودية فإنّ الاثار البربرية في شمتو أكثر تنوّعا وقيمة من أيّ موقع آخر.