عين دراهم، وصفها البعض بالجنة الضائعة والبعض الآخر بعروس الشمال فعلى
مدار الفصول ترتدي أبهى الحلل،هذه المدينة كانت محط أنظار العديدين، فأغرت
الفرنسيين الذي بنوا فيها أفخر المنازل ودفنوا موتاهم على هذه الأرض حين
اختاروا مقبرة لهم مازالت آثارها إلى اليوم،كما شيّد بورقيبة قصرا يقضي به
عطلته من حين لآخر، وتم بعد الاستقلال استغلال العديد من المنشآت التي
تركها المستعمر كالمؤسسات التربوية والعمومية (بلدية،معتمدية،مدرسة
سياحية…)
واشتهرت المدينة بصناعاتها التقليدية
ولذلك أحدثت قرية حرفية تشغل أكثر من 400 عامل ودار شباب بمواصفات ممتازة
تحوّل إلى فضاء يؤمه الزوار من مختلف جهات الجمهورية،هنا تقضي أفواج
الكشافة عطلتها وتقام التظاهرات والملتقيات،وتحوّل فضاء نادي الزان إلى
فضاء تلتقي فيه النخبة المثقفة.
هي ملجأ للسائح حين تسحره عيون الماء العذبة والغابة الجميلة والأزهار
الفواحة فتعددت الوحدات الفندقية أملا في أن تتحول إلى قطب سياحيواستشفائي
ورياضي..
واقع مرير
في عين دراهم هدموا نادي الزان ودار الثقافة وأغلقوا بعض الوحدات الفندقية
وأهملوا العيون والمدارج التي اختصت بها الجهة،تركوا المناخ القاسي يفعل
فعله في عدة مؤسسات حيوية فانتشرت فيها الرطوبة وأصبحت متداعية للسقوط وهي
في شلل نصفي دون أن تقدم خدمات تذكر،هدموا أمام البلدية تمثالا فريدا يعلوه
ديك وأوصدوا أبواب نزل الفرنان أعرق وحدة فندقية بالجهة، وأغلقت القرية
الحرفية لتحيل العشرات من الحرفيين على البطالة ومن ثمة اندثار العديد من
الحرف. هذا فضلا عن تعمد البعض إغلاق مصنع الأحذية، المؤسسة الوحيدة
المشغلة بالجهة،وتبخرت العديد من المشاريع قبل الثورة خاصة تلك المتعلقة
بالمنتزهات العائلية والمنطقة السياحية فج الأطلال إلى جانب «التليفيريك»
المشروع الحلم رغم رغبة بعض المستثمرين في إحداثه إلا أن العراقيل والأطماع
كانت تسيل لعاب من يمسكون بزمام القرار،ومن نتائج الإهمال أن سدت قنوات
الصرف الصحي وسط المدينة لتتحول إلى مجار وتنتشر الفضلات هنا وهناك في ظل
اللامبالاة من هذا وذاك.
تستقبلك عين دراهم في مداخلها اليوم بمصبات الفضلات وعيون طالها الإهمال
وبانتشار الضباب جراء كثرة السدود وما تسببه من أمراض كالربو الذي عجّل
بهجرة العشرات من السكان.. تستقبلك بصورة باهتة توحي أحيانا بأنك لست في
مدينة سياحية، أو ربما لن تطأ قدماك عين دراهم التي كانت ملهمة العشاق،ولن
ترتاح على صدر العروس التي تبحث عنها،فعلى صدور أبنائها يجثم عبء ثقيل..
مقال للصحفي عمار مويهبي