على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، على الحدود الجزائرية من الجهة الشمالية الغربية، وفوق قمم جبال الكرومي الغنية بالغابات، تقع مدينة “عين دراهم” التونسية، التي تتميّز بشكلها العمرانيّ الذي يغلب عليه الطابع القرويّ ذا الطراز الأوروبي.
غابات خضراء رائعة
إذا كنت من محبي التمتع بالطبيعة الساحرة والمناظر الطبيعية الخلابة عليك بعين دراهم، ففيها تجد مبتغاك وضالتك التي تبحث عنها، فهي مدينة ساحرة ملونة بألوان الطبيعة، فيها يتعانق الجبل والسهل وأشجار الصنوبر والبلوط والفلين العالية، مشكّلة لوحة فنية، عشقتها الأعين واشتاقت لرؤيتها القلوب واهتزت بسماع اسمها المشاعر، لوحة يتمتّع الزائر بمشاهدتها والتقاط الصور التذكارية بين ثنياها، وتمنحه الحب والهدوء والجمال الذي قلّ نظيره.
فضلا عن جمال أشجارها وأزهارها ومياهها العذبة، تتميّز جبال عين دراهم وغاباتها بمسالكها الصحية والرياضية التي يحلو فيها التجوّل مشيًا على الأقدام.
ويكمن سحر وجمال المدينة، في غاباتها الخضراء المملوءة بأشجار الصنوبر والزان الوارفة وسط جبالها الوعرة العريضة، والمزيّنة بنباتاتها الطبية والعطرية التي تستخرج منها أجود خلاصات العطورات التجميلية والزيوت الروحية التي تروج في العديد من البلدان الأوروبية.
وبين أشجار هذه الغابات الشامخة فوق جبال عين دراهم، تنبع عيون المياه الحلوة التي تفوق في حلاوتها المياه المعدنية التي عرفت بها تونس في دول العالم، وقريبًا منها شيّدت سدود عديدة تشكلت فيها بحيرات بديعة ساحرة في قلب الغابة، وتوجد بهذه السدود والبحيرات العديد من أنواع أسماك المياه العذبة.
فضلا عن جمال أشجارها وأزهارها ومياهها العذبة، تتميّز جبال عين دراهم وغاباتها بمسالكها الصحية والرياضية التي يحلو فيها التجوّل مشيًا على الأقدام. وتستقبل هذه المسالك الجبلية العديد من السياح التونسيين والأجانب، وتزخر المدينة بالعديد من هذه المسالك التي تمتد على عشرات الكلومترات وتمتاز بمناظر طبيعية خلابة وتضاريس حادة ومرتفعات شاهقة.
وهناك أيضا، يجد الزائر المحميات الطبيعية الفريدة من نوعها كمحمية “دار فاطمة” ومحمية “عين الزانة” لشجر الزان المقلوب، وشجرة الزان المقلوب هي شجرة جاءت حصيلة تفاعل بين شجرتي الفرنان والزان أنتج شجرة فريدة جمعت بين النوعيتين في آن واحد، مما جعل العلماء ينظرون إليها على أنها إعجاز الطبيعة.
وفي هذا الفردوس يستطيع هواة الصيد أن يمارسوا هوايتهم، ففيها تجد تنوع الحياة البرية والطيور المستقرة والمهاجرة، مما يجعلها مقصدًا للسائحين المغرومين بالحياة الطبيعية ومحبي الصيد على حدّ السواء، وعلى الصيادين الوافدين على البلاد الحصول على ترخيص مسبق من مديرية الغابات التونسية لدى وصولهم الى تونس.
منازل على الطراز الأوروبي
إلى جانب طبيعتها الساحرة، تتميّز “عين دراهم” بعمرانها الفريد الذي يخلب الأنظار ويحقق المتعة للنفوس الباحثة عن الجمال، ويسحر العقول ويسلب القلوب، وبمنازلها البيضاء والزرقاء ذات الأسقف المكسوّة بالقرميد الأحمر على النهج الأوروبي.
سعى الفرنسيون خلال استعمار تونس إلى تطويرها طبقا مواصفات أوروبية وتصميم هندسي فرنسي.
ويحرص أهالي مدينة التي اختارت أن تُحيك لنفسها ثوبًا وترتديه، تزاوجت فيه ألوان السماء والأشجار والجبال، على أن تكون جميع منازلهم بالقرميد ما يجعل المنزل في شكل أبهى، فتربُّع القرميد على رأس البيت يضفي عليه لمسة خاصة من الرقي والإبداع. والقرميد يصنع من الطين الذي يتم تحضيره في أفران خاصة لذلك، وطليه بعد ذلك بالرصاص والنحاس والرمل. وله ألوان عديدة وإن جرت العادة على استخدام الأحمر منه.
وخلال فصل الشتاء تلتحف هذه الأسقف الحمراء بوشاح أبيض جميل، يسرّ الناظرين، حتى يخيّل لكل من زارها في هذه الأيام أنها قطعة من أوروبا…